المقدمة والإهداء

الإهداء : قد عبر حدود الصداقة، وتناهز فواصل الإخاء، فكان الرفيق المعين، والصديق الأمين، يؤازر الذي أحدبه الزمن، ويقوّم من أعوجته المحن، كوكب دريّ ينير دروب المستقبل. إليه أخي الحاج: " عبدو أبو رحمون كنعان" أهدي ديواني الأول (نجوى على سور البلاد)، وإلى كلّ الأحباء والأقرباء، وإلى أصدقائي وقرّائي الأعزّاء. الشاعر: رضا كنعان  

المقدمة : إن الشعر صورة من صور الحياة يعبّر فيها الشاعر عن أفكاره وعواطفه وفق المتغيرات الزمانيّة والظروف الاجتماعيّة والبيئيّة، ويرسم ذلك في صورة تدعى قصيدة. الشاعر "رضا كنعان" وفي ديوانه هذا الذي بين أيدينا (نجوى على سور البلاد) نجد تفاوتاً وتفوّقاً إبداعيّاً فنيّاً كبيراً ومميَّزاً، يشمل روح القصيدة وموضوعها وخواطرها في إثارة الذكرى أو الأمل، أو أيّ عاطفة أخرى، أو إظهار حقيقة بأسلوب فخْمٍ جزلٍ، رائعٍ متين. يأتي أحياناً في بعض شِعره بكلمات قليلة غريبة جزلة؛ لأن الجزالة والمتانة تتطلب من الاطلاع أكثر مما يتطلّبه الاستعمال؛ لأن المتانة تستلزم دراسة آداب العصور كافةً والتي مرّت على اللغة العربية. "رضا كنعان" وفي مسيرتِهِ الأدبيَّة يفجّر طاقاته وموهبتِهِ الشعريَّة في صقلِ وتطوير أدواتهِ الكتابيَّة التعبيريَّة وَحِسِّهِ الفنِّي المُرهف للارتقاءِ بعبقريَّتِهِ وملكتِه الشعريَّةِ إلى مسافاتٍ وَمَداراتٍ وأبعادٍ واسعة، إضافة إلى ثقافتِه الواسعةِ التي اكتسبَهَا من خلال المطالعةِ المستمرَّة التي عملَتْ على شحن طاقاتِهِ وتطوير وتوسيع آفاقِهِ الشعريَّةِ الإبداعيَّةِ. إضافةً للتطوّر من مرحلة البحور التامّة الجزلة إلى مرحلة التأنّق في الشكل الإيقاعي، وذلك في الإكثار من المحسّنات اللفظيّة في النصّ الشعري، مما أحدث موسيقى داخليّة خفيّة هامسة إلى تلك الخارجيّة الظاهريّة الصاخبة مستخدماً لغة أغنية الشعر التفعيلة؛ تلك اللغة التي تعني تقطيع أبيات الشعر وفقاً لإنموذجها العروضي، وليس فقط جانب العروض المرتبط بالشعر وجانب القافية، أيضاً يدور بين العناوين التي تثير أشجان الشاعر حتى أصبح يهيم بعشقه وسط خراب الأمكنة في الزمن الضائع، وأفكار متعددة يختلط فيها الحنين بالفخر، وهذه سمة لا تكاد تتوافر في القصائد التي تنضح بالشكوى والألم، وتتدفّق بالأحزان والأوجاع. قصائِد هذا الديوان على مستوى عالٍ من الناحيةِ الموضوعيَّةِ والفكريَّةِ والإبداعيَّة والتجديديَّة، الصور الشعريَّة الجميلة المبتكرة والخيال الواسع والأسلوب الرشيق الشائِق المعبِّر والمباشر أحياناً، ويستعملُ الكثيرَ من الرموز المستحدثةِ للتوظيفِ الدلاليّ للمعاني والأهدافِ والمواضيع التي يُريدُها ويبتغيها. متسربلٌ بالكثير من العباراتِ والمفردات الجديدة وبالصور الشعريَّةِ المبتكرةِ، فلا يكتفي بالقوالب والصور الشعريَّةِ والاستعارات البلاغيَّةِ التشبيهيّة التقليديَّة الجاهزة والمستهلكة، بل هو يشغلُ موهبتهُ وعبقريته ويختلقُ ويختارُ المعاني الجميلة والاستعارات الجديدة التي تتلاءَمُ وتتناغمُ مع روح العصر ومنطلق التجديد والحداثة في المسيرةِ الشعريَّة المعاصرة كما في شعر المديح لديه والفخر والغزل وتوظيف أحاسيس الغربة والحنين وحبّ الوطن والشعر التوجيهي؛ وهو الذي يقصد به الشاعر إلى التوجيه الأخلاقي وبثّ الحكم والمواعظ في النفوس، حتى تكون القصيدة ملآى بالتشبيهات والاستعارات البلاغية وهي تدل على عظم خياله وتمكّنه من السرد البلاغي الذي يحافظ على قوام القصيدة ضمن شروط عاموديتها ونظمها في شعر رصين وملتزم. وفي الخاتمة أقول: لازال هناك عمالقة يُشهد على عبقريتهم في إعادة إحياء أيّام "سوق عكاظ" والتغنّي بروائع كلمات لغتنا العربية. الأديبة: ديمه العاشور.

تم عمل هذا الموقع بواسطة